رغم المخاوف وغياب الخدمات.. 1.3 مليون نازح سوداني يعودون إلى ديارهم
رغم المخاوف وغياب الخدمات.. 1.3 مليون نازح سوداني يعودون إلى ديارهم
في خضم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، عاد أكثر من 1.3 مليون نازح سوداني إلى ديارهم رغم استمرار القتال وانهيار البنية التحتية، بحسب بيان مشترك صدر عن ثلاث من أبرز وكالات الأمم المتحدة هي: المنظمة الدولية للهجرة، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
تمثل هذه العودة خطوة تنطوي على أمل، لكنها محفوفة بالمخاطر والانتهاكات، وسط أزمة تمويل خانقة ونقص حاد في الخدمات الأساسية، لا سيما في مناطق الخرطوم وسنار والجزيرة التي كانت مسرحًا للدمار الكبير خلال سنوات الحرب.
رغم الهدوء النسبي في بعض المناطق، أشارت الوكالات الأممية إلى أن العائدين، الذين يشملون نازحين داخليين ولاجئين عادوا من دول مجاورة مثل مصر وجنوب السودان، يواجهون تحديات إنسانية جسيمة تتمثل في تدمير كامل للبنى التحتية، وحرمان من الخدمات الحيوية، وغياب شبه كامل للدعم الرسمي أو الدولي الكافي.
عودة هشة وخطيرة
خلال الحرب المستعرة، دمرت المدارس والمستشفيات، وتحولت إلى ملاجئ مؤقتة للنازحين، فيما لا تزال الذخائر غير المنفجرة تشكل تهديدًا يوميًا لحياة السكان، إلى جانب انتشار العنف الجنسي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الطفل.
ويُضاف إلى ذلك فقدان ملايين الأشخاص وثائقهم المدنية، ما يمنعهم من الوصول إلى الخدمات المتوفرة ويقوّض حقوقهم الأساسية.
وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن العودة رغم رمزيتها الإنسانية، تظل "هشة وخطيرة" إذا لم يتم تزويد العائدين بالدعم الفوري والضروري، وإعادة بناء الهياكل الأساسية التي انهارت تحت ضغط الحرب.
نداء لتمويل جهود التعافي
المنسق الإقليمي لشؤون اللاجئين، مامادو ديان بالدي، شدد على أن هذه العودة تمثل "دعوة صامتة لإنهاء الحرب"، مضيفًا أن البلدان المضيفة لم تعد قادرة على تحمّل العبء وحدها.
أما المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة، عثمان بلبيسي، فدعا إلى تعزيز الدعم للمجتمعات العائدة، قائلا إنهم ليسوا مجرد ضحايا، بل عوامل حيوية لتعافي السودان.
بدوره، حذر عبد الله الدردري من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من أن العائدين قد يواجهون وضعًا أسوأ إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتأهيل المناطق المدمّرة وتقديم خدمات أساسية مثل الطاقة والمياه والصحة، إلى جانب الدعم القانوني والنفسي، خاصة للنساء والأطفال الناجين من العنف.
أرقام تعكس الكارثة
كشفت وكالات الأمم المتحدة عن أرقام كارثية للحرب السودانية التي لا تزال مستعرة منذ اندلاعها في منتصف أبريل من عام 2023، والتي جاءت كالتالي:
1.3 مليون نازح داخلي عادوا إلى منازلهم داخل السودان.
320 ألف لاجئ عادوا من دول الجوار منذ العام الماضي.
10 ملايين نازح داخلي لا يزالون داخل البلاد، من بينهم 7.7 مليون نزحوا بسبب النزاع الحالي.
882 ألف لاجئ تستضيفهم السودان، معظمهم من دول الجوار.
12 مليون نازح قسريًا منذ اندلاع النزاع، من بينهم أكثر من 4 ملايين لجأوا إلى بلدان مجاورة.
دعم حقوق النازحين
العودة إلى الوطن ليست مجرد انتقال جغرافي، بل هي امتحان لقدرة المجتمع الدولي على دعم الحقوق الأساسية للنازحين وضمان كرامتهم.
وبينما تعود العائلات بآمال مرتجفة إلى منازل دمرتها الحرب، فإن هذه العودة لا يمكن أن تُكتب لها الاستدامة ما لم يُرافقها تعهد دولي حقيقي بإعادة الإعمار، وحماية حقوق الإنسان، والضغط من أجل إنهاء الحرب التي ما زالت تهجر المزيد من الأبرياء كل يوم.